نسبه رضي الله عنها
هو الإمام الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه و سلم ولد في بيت النبوة. أمه هي الزهراء فاطمة واحدة النساء الأربع الكاملات و هو ابن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهو أخو الإمام الحسن رضي الله تعإلى عنه و أرضاه
فضله رضي الله عنه :
يقول الإمام أحمد في مسنده و البخاري في "الأدب المنفرد" و الترمذي و ابن ماجة و الحاكم في "المستدرك" قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "حسين مني و أنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً: الحسن والحسين سبطان من الأسباط"
كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "أحشر أنا و الأنبياء في صعيد واحد فينادى : معاشر الأنبياء تفاخروا بالأولاد فأفتخر بولدي الحسن و الحسين"
فضله رضي الله عنه :
مرَّ الحسيـن -رضي اللـه عنه- يوماً بمساكين يأكلون في الصّفّة ، فقالوا
الغـداء ). فنزل وقال
إن اللـه لا يحب المتكبريـن ).فتغدى ثم قال لهم
قد أجبتكم فأجيبوني ). قالوا
نعم ).فمضى بهم إلى منزله فقال لرّباب
أخرجي ما كنت تدخرين ).
حب خير الخلق صلى الله عليه و سلم له :
روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج يوماَ من بيت عائشة فمر على بيت فاطمة الزهراء فسمع حسيناً يبكي فقال : "ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني ؟ "
و روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قام يخطب في الناس فجاء الحسن و الحسين رضي الله عنهما و عليهما قميصان أحمران يمشيان و يعثران فنزل النبي صلى الله عليه و سلم من فوق المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال : "صدق الله (إنما أموالكم و أولادكم فتنة) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان و يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي و رفعتهما"
وروي ان الرسول صلى الله عليه و سلم كان يضم الحسن و الحسين و يأخذهما إلى قلبه و يمسك دمعه و قلبه الشريف يدق ألماً للمصير الذي أحس انهما سيلقياه دفاعاً عن دين الله.
مولده رضي الله عنه :
ولد الإمام الحسين رضي الله عنه في الخامس من شعبان في السنة الرابعة للهجرة في المدينة المنورة.
روي ان الحسين عندما ولد سر به جده صلى الله عليه و سلم سروراً عظيماً و ذهب إلى بيت الزهراء رضي الله عنها و حمل الطفل ثم قال : ماذا سميتم ابني ؟ قالوا : حرباً فسماه الرسول صلى الله عليه و سلم حسيناً
حياته رضي الله عنه في بيت النبوة :
أدرك الإمام الحسين رضي الله عنه ست سنوات و سبعة أشهر و سبعة أيام من عصر النبوة حيث كان فيها موضع الحب و الحنان من الرحمة المهداة صلى الله عليه و سلم فكان النبي صلى الله عليه و سلم كثيراً ما يداعبه و يضمه و يقبله.
وكان صلى الله عليه و سلم يلقاه في الطرقات مع بعض لداته فيتقدم الرسول صلى الله عليه و سلم أمام القوم و يبسط للغلام يديه و الغلام يفر هنا و هاهنا و الرسول صلى الله عليه و سلم يمازحه و يضاحكه ثم يأخذه فيضع إحدى يديه تحت قفاه و الأخرى تحت ذقنه و يقبله و هو يقول صلى الله عليه و سلم : "حسين مني و أنا من حسين"
و كان الرسول صلى الله عليه و سلم يدخل في صلاته حتى إذا سجد جاء الحسين فركب ظهره و كان صلى الله عليه و سلم يطيل السجدة فيسأله بعض أصحابه انك يا رسول الله سجدت سجدة بين ظهراني صلاتك أطلتها حتى ظننا انه قد حدث أمر او انه يوحى إليك فيقول النبي صلى الله عليه و سلم : (كل ذلك لم يكن و لكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته)
حياته و جهاده رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم :
كان الإمام الحسين مازال صغيراً عندما توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم ماتت أمه الزهراء رضي الله عنها و ارضاها.
عندما بويع ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه بالخلافة كان الإمام الحسين قد تجاوز العشرين من عمره. و قد كان رضي الله عنه عابداً, زاهداً, عالماً, شجاعاً و حكيماً و سخياً
كان الإمام الحسين رضي الله عنه في طليعة الجيش الذي سار لفتح طبرستان بقيادة سعد بن أبى وقاص و قاتل رضي الله عنه في موقعة الجمل و موقعة صفين و قاتل الخوارج و تنقل مع جيوش المسلمين لفتح افريقيا و غزو جرجان و قسطنطينية و يؤكد المؤرخون أن الإمام الحسين زار مصر في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع جيش الفتح الإسلامي
استشهاده رضي الله عنه
رفض خلافة يزيد بن معاوية :
وضع الإمام الحسين نصب عينيه نصيحة أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما أوصاه و الإمام الحسن قبل وفاته قائلاً : (أوصيكما بتقوى الله و لا تطلبا الدنيا و إن طلبتكما و لا تأسفا على شئ منها زوي عنكما افعلا الخير و كونا للظالم خصماً و للمظلوم عوناً)
توفي معاوية نصف رجب سنة ستين ، وبايع الناس يزيد ، فكتب يزيد للوليد ابن عتبة مع عبد الله بن عمرو بن أويس العامري ، وهو على المدينة
أن ادعُ الناس ، فبايعهـم وابدأ بوجوه قريـش ، وليكن أول من تبدأ به الحسيـن بن عليّ ، فإن أمير المؤمنين رحمه اللـه عهد إليّ في أمره للرفق به واستصلاحه ).
فبعث الوليد من ساعته نصف الليل إلى الحسين بن علي ، وعبد الله بن الزبير ، فأخبرهما بوفاة معاوية ، ودعاهما إلى البيعة ليزيد ، فقالا
نصبح وننظر ما يصنع الناس ).
و لكن الإمام الحسين لم يقبل أن تتحول الخلافة الإسلامية إلى ارث و أبى أن يكون على رأس الإسلام فتى فاسق ظالم كيزيد ابن معاوية فرفض أن يبايعه و لم يعترف به.
و قد التقى الوليد بالحسين رضي الله عنه و طلب منه البيعة ليزيد فرفض الحسين بينما ذهب عبد اله بن الزبير إلى مكة لاجئاً إلي بيت الله الحرام و بايع هناك عبد الله بن عمر رضي الله عنه
و في المدينة بعد أن رفض الحسين رضي الله عنه مبايعة يزيد ذهب مروان ابن الحكم شيخ الامويين إلى الوليد و لامه لانه أذن للحسين بالانصراف من مجلسه و لم يشدد عليه و لم يحبسه (حتى يبايع او تضرب عنقه) و هنا يقول الحسين لمروان : (أأنت تضرب عنقي ؟ ) ثم التفت إلى الوليد و قال : ( يا أمير إنا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة بنا فتح الله و بنا ختم و يزيد فاسق فاجر شارب خمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسوق و الفجور و مثلي لا يبايع مثله).
الخروج إلى مكة و العزم على الذهاب إلى الكوفة :
و خرج الإمام الحسين رضي الله عنه إلى مكة و عرف الناس موقفه و رفضه بيعة يزيد و هنا تتقاطر عليه الرسل من المسلمين عامة و أهل الكوفة خاصة يبايعون الحسين بالخلافة و شدد أهل الكوفة على الإمام الحسين رضي الله عنه أن يأتي إليهم و يعدوه أن يناصره و يقاتلوا معه.
و هنا اعتزم الإمام الحسين رضي الله عنه أن يخرج إلى الكوفة بعد أن مكث في مكة المكرمة أربعة اشهر.
واستشار الإمام الحسين رضي الله عنه أصحابه فحاولوا أن يثنوه عن عزمه وقول له ابن الزبير رضي الله عنهما ( لو أقمت بالحجاز ثم أردت هذا الأمر –يعني الخلافة- هنا لما خالفناك و إنما ساعدناك و بايعناك و نصحناك )
فاجاب حفيد رسول الله قائلاً : (إن أبى حدثني أن لها –أي مكة المكرمة- كبشاً تستحل به حرمتها فما أحب أن أكون هذا الكبش)
و قبل أن يخرج رضي الله عنه إلى الكوفة أرسل ابن عمه مسلم ابن عقيل ليمهد له و يتحاور مع أهل الكوفة و يرى إن كانوا جادين في نصرته رضي الله عنه فأرسل إليه ابن عقيل يدعوه إلى المجيء إلى الكوفة فصمم الإمام على المسير إلى الكوفة
الأحوال في الكوفة :
علم جواسيس يزيد بأمر مسلم ابن عقيل فيغير والي الكوفة النعمان بن بشير ليأتي بدلاً منه عبد الله بن زياد وتضم البصرة إليه و قد كان عبد الله بن زياد من أم مجوسية تدعى مرجانة و كان ألكن اللسان و هو من أعوان يزيد الدين قال عنهم العقاد في كتابه (أبو الشهداء الحسين بن علي): جلادين و كلاب طراد في صيد كبير
و قد استخدم عبد الله بن زياد في أهل الكوفة صنوف التعذيب و الإرهاب و القتل و الصلب حتى انفضوا عن مسلم بن عقيل و حاول مسلم تحذير الإمام الحسين رضي الله عنه و لكن أعوان ابن زياد قبضت على الرسل ولم تصل الرسالة إلى الإمام الحسين رضي الله عنه. ثم قبض على مسلم و قتل في قصر ابن زياد في التاسع من ذي الحجة عام 60 هـ
و سار الإمام الحسين إلى الكوفة و معه 72 او 82 من الجند فلقي ألف فارس يتقدمهم الحر بن يزيد الرياهي الذي بعث به ابن زياد بتعليمات محددة و هي أن يصاحب الإمام الحسين إلى الكوفة و لا يقتله فان أبى فليأخذ طريقاً لا يقدمه الكوفه و لا يرده إلى المدينة و حذر الحر الإمام الحسين من قتال ابن زياد.
و انطلق الركبين و أثناء ذلك أرسل ابن زياد إلى الحر يأمره ألا ينزل ركب الحسين رضي الله عنه إلا بالعراء في غير حصن و على غير ماء فأشار بعض أصحاب الحسين رضي الله عنه عليه بالقتال و لكنه رضي الله عنه رفض أن يبدأهم بقتال
و حين وصل الركب إلى كربلاء استشعر الحر بن يزيد ان المراد قتل الحسين رضي الله عنه فترك الحر الجيش و ذهب إلى الإمام الحسين رضي الله عنه قائلاً : (جعلت فداك يا ابن رسول الله أنا صاحبك منعتك من الرجوع و جعجعت بك في هذا المكان و ما ظننت القوم يردون عليك ما عرضته عليهم و والله لو علمت انهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت مثل الذي ركبت و إني تائب إلى الله مما صنعت فهل ترى لي من توبة ؟ " فقبل الحسين عذره
و قد قاتل الحر رضي الله عنه مع الإمام الحسين رضي الله عنه حتى قتل في الثاني من المحرم سنة 61 هـ
استشهاد سيد شباب أهل الجنة :
و علم الإمام الحسين أن النهاية قد قربت فطلب من جنده ان يتفرقوا عنه تحت جنح الليل لكنهم أبوا إلا أن يموتوا دونه.
و اصبح الصباح واشتد العطش بالحسين رضي الله عنه و بمن معه و حبس الماء عنهم ثلاثة أيام أو يزيد و قد رأى الإمام الحسين ابنه عبد الله يبكي من الألم و العطش و قد بح صوته من البكاء فحمله على يديه و قال للظالمين : "اتقوا الله في الطفل إن لم تتقوا الله فينا" فرمى رجل الطفل بسهم فنفذ إلى أحشاءه و هو بين يدي والده رضي الله عنه.
وإذا أردنا التحدث عن فظائع كربلاء فحدث و لا حرج فها هو عبد الله ابن مسلم ابن عقيل يمسح جبينه فيصيبه سهم يثبت يده في جبهته. و هاهو علي اصغر أبناء الحسين رضي الله عنه يقاتل ثم يعود لأبيه فيقول : يا أبت العطش
فيجيبه الحسين رضي الله عنه : اصبر يا حبيبي فإنك لا تمسي حتى يسقيك رسول الله بكأسه
فينصرف إلى القتال و بالفعل يصاب علي بن الحسين رضي الله عنهما بسهم في حلقه فيقبل و هو يشجب دماً و يقول : يا لبتاه عليك السلام هذا جدي رسول الله يقرئك السلام و يقول عجل القدوم إلينا
و الكثير و الكثير من الفظائع إلى أن قتل الحسين سيد شباب أهل الجنة رضي الله عنه و قطعت رأسه الشريفة و قد وجد في جسده رضي الله عنه بعد وفاته ثلاث و ثلاثون طعنه و أربع و أربعون ضربة غير إصابات النبل و السهام و أحصاها بعضهم من ثيابه فإذا هي مائه و عشرون.
و هكذا قتل الذكور من آل بيت النبي صلى الله عليه و سلم في كربلاء و لم يبق غير الصبي زين العابدين و تقول السيدة زينب أخت الحسين رضي الله عنهما و هي تستنجد و تستجير : يا محمداه! هذا الحسين بالعراء و بناتك سبايا و ذريتك مقتلو مسفى عليها الصبا
و هكذا –كما يقول العقاد- ليس في العالم بأسره أنجبت من الشهداء من أنجبتهم أسرة الحسين عدة و قدرة و ذكراً و حسبه انه وحده في تاريخ هذه الدنيا : الشهيد ابن الشهيد أبو الشهيد في مئات السنين.
الجزاء من جنس العمل :
عندما صعد ابن زياد المنبر ليخطب في الناس بعد كربلاء فما أن أتم جملته الأولي حتى وثب عليه شيخ ضرير هو عبد الله بن عفيف الازدي (الذي ذهبت إحدى عينيه في يوم الجمل و الاخرى يوم صفين) فصاح به مستهزئا: ( يا ابن مرجانة أتقتل أبناء الأنبياء و تقوم على المنبر مقام الصديقين ؟ إنما الكذاب أنت و أبوك و الذي ولاك) فقتل الشيخ الضرير و صلب
ثم خرج من أهل الكوفة جماعة (التوابين) و داعيتهم المختار بن أبى عبيد الثقفي و أقسموا ألا يتركوا واحداً من قتله الحسين
أما عبد الله بن زياد فقتل و حرق
و شمر بن ذي الجوشن –الذي أمر الرماة أن يرشقوا الحسين رضي الله عنه بالنبل- القيت أحشاؤه للكلاب
و كان مجرد شبهة الاشتراك في كربلاء كافيا لذبح صاحبه او سحله او حرقه او صلبه و قد بلغ انتقام جماعة التوابين حداً فاق مذابح كربلاء.
و هكذا كانت كربلاء كما قال ماريين المؤرخ الألماني نقلا عن كتاب العقاد : (إن حركة الحسين و خروجه على يزيد كانت عزمة قلب كبير عز عليه الإذعان و عز عليه النصر العجل فخرج بأهله و ذويه ذلك الخروج الذي يبلغ به النصر الآجل بعد موته و تحيي به قضية مخذولة ليس لها بغير ذلك حياة)
و قد ترددت روايات كثيرة حول رأس الإمام الحسين رضي الله عنه فمنهم من قال انها دفنت بالبقيع عند قبر السيدة فاطمة و منهم من قال بدمشق و منهم من قال القاهرة و ترى الدكتورة سعاد ماهر أن أقوى الآراء هو الذي يقول أن الرأس طيف به في الأمصار الإسلامية حتى وصل إلى عسقلان ثم تقدم الصالح طلائع وزير الفاطميين بمصر فدفع 30 ألف درهم و استرد الرأس الشريف و نقله إلى القاهرة و يؤيد أن الرأس بالقاهرة ابن كثير و ابن خاكان و ابن بطوطة و الكثيرون و هناك الكثير من الأدلة و البراهين على ذلك يمكن قراءتها تفصيلياً في كتاب (آل بيت الرسول صلى الله عليه و سلم في مصر للأستاذ أحمد أبو كف)
رحم الله الإمام الحسين رضي الله عنه حفيد سيد الخلق صلى الله عليه و سلم الذي ضرب لنا المثل في من يدافع عن قضية حق و يدفع حياته ثمناً لمبدأ حق رضي الله عنه و أرضاه