من يطلع على مناهج التربية الأسرية في ديارنا العربية يجد اهتماماً بتعليم الطلاب فن تناول الطعام , وكيفية الجلوس على الطعام وتناوله , وهذا أمر طيب ولكن يعاب على معظم هذه المناهج أنها مترجمة في كثير من موضوعاتها وأن آداب الطعام المدرجة في الكثير منها هي الآداب الغربية , وحيث أن في ديننا آداب إسلامية للطعام فوجب علينا الأخذ بها وتعليمها لأبنائنا وقد حفلت كتبنا الإسلامية بالأحاديث النبوية الدالة على ذلك ومن هذه الأحاديث:
ـ قال صلى الله عليه وسلم: ( إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ). رواه مسلم.
ـ وقال صلى الله عليه وسلم: ( سم الله وكل بيمينك، وكل مما يليك ) متفق عليه.
ـ وقال صلى الله عليه وسلم: ( فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه ) رواه أبو داود.
ـ وقال صلى الله عليه وسلم: ( لا آكل متكئاً ) رواه البخاري.
ـ وقال صلى الله عليه وسلم: ( طعام الواحد يكفي الإثنين , وطعام الإثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الثمانية ) رواه مسلم.
الأحاديث السابقة غيض من فيض أحاديث آداب الطعام الواردة في السنة النبوية المطهرة وهي قاعدة ممتازة لتعلم نظام طعام إسلامي متميز ومنها نستنتج الآتي:
1ـ الآداب الإسلامية الحميدة:
تعلمنا الأحاديث النبوية الآداب الإسلامية الحميدة في آداب الطعام مثل التسمية ( بسم الله ) أو ( بسم الله أوله وآخره ) لمن نسي التسمية، والأكل باليد اليمنى، وعدم التشبه بالشيطان والكفار الذين يأكلون باليد اليسرى، والجلوس الصحيح على الأكل، والاجتماع على الطعام وهذا ما يجب أن نتعلمه ونعلمه لأبنائنا وتتضمنه مناهج التربية الأسرية فآداب الطعام وطريقة إعداد الطعام والأكل ثقافة وحضارة وتدل على ثقافة وحضارات الشعوب والأمم , فلا يستهان بها، علاوة على أن منها ما هو واجب وعبادة وهدي نبوي يثاب المسلم عليه.
2ـ الاقتصاد في الطعام:
فطعام الواحد يكفي الإثنين، وطعام الإثنين يكفي الأربعة، وهكذا إذا اجتمعنا على الطعام اقتصدنا في الوقت والمال ولم نسرف في الأكل، ولم يتبقى الطعام ويلقى به في سلة المهملات وصناديق القمامة، فليس من الهدي النبوي إعداد كيات زائدة من الطعام تحت مسّى الكرم، وهذا المنحى الإسلامي نراه مطبقاً عند غير المسلمين حيث نراهم يشترون كميات قليلة من الفاكهة والخضروات والطعام وكل شيء محسوب ونحن أولى بذلك استناداً إلى الهدي النبوي في الاجتماع على الطعام.
3ـ تعلم الآداب والتأكيد عليها:
فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما رأى يد الغلام تطيش في الصفحة قال له ( وكل مما يليك ) جزء من حديث متفق عليه وعند الأخذ من آنية الطعام نأخذ من الحافة اقتصادياً وتفادياً للتلف، قال صلى الله عليه وسلم: ( فكلوا من حافته ولا تأكلوا من وسطه ) جزء من حديث رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح. وقال صلى الله عليه وسلم: ( كلوا من حواليها ودعوا ذروتها يبارك فيها ) رواه أبو داوود والبيهقي وإسناده صحيح كما ورد في رياض الصالحين باب الأمر بالأكل من جانب القصعة.
ـ وهكذا يعلمنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أن نعلم النشء آداب الطعام وأن تتضمن مناهج التربية الأسرية هذا الهدي العلمي النبوي الشريف.
4ـ تمايز المجتمع المسلم:
فكما قلنا سابقاً آداب الطعام من الثقافة المميزة للأمم، ويجب علينا أن نتميز بهذا الهدي وأن يعلم الناس أننا نأكل بيميننا ونسمي الله عند بداية الأكل , ولنا جلسات مميزة وهذا يحافظ على هويتنا الإسلامية.
5ـ احترام الهدي النبوي:
فعندما نتمسك بالهدي النبوي فهذا إعلان أننا متبعون لهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم وأنه علمنا الآداب الفاضلة والسلوك القويم , وأننا على قناعة تامة بأهمية الاتباع , ومن حبنا للمصطفى صلى الله عليه وسلم نفعل ما علمنا إياه ولا نرضى به بديلاً لأنه هدي إلهي قويم.